روح الشارقة

03 أغسطس, 2015

الشارقة في بداية تقلدها عاصمة الثقافة الإسلامية تستعيد ذاكرة التاريخ وروحها التي أسست لذاتها.. مدينة للفعل الآتي.. الشارقة تمتطي صهوة الفعل الحضاري القادم من عمق تاريخها الحافل بضياء لافتٍ، وقت أن كانت المنطقة من حولها تعتمر بالسكينة.. كانت هي تشتعل بحيوات وبؤر ثقافية تتمثل في روح مغايرة انبثقت شعراً ومجالس وصالونات أدب وفعل ثقافي.
 
فعرفت منذ العشرينيات من القرن الفائت بدايات تعالقها مع إشعاعات ثقافية، وعند البحث والحفر في تلك الفترة وما قبلها سنرى مقاهي وتجميعات مثلت منتديات للحوار ونثر الحكايات عن الناس والوطن والهموم، 
 
وسنرى رواداً للثقافة أسسوا بنى التجمعات تلك وأدوات التواصل والجذب.. وسنجد أسماء لافتة حفرت في تاريخ الوطن مكاناً للريادة والعقل فأسسوا مجالس ومثابات للعلم والحوار وتبادل الرأي وطرح السجالات الأدبية والشعرية والأخبار، 
 
وقدموا أمثلة على طموح الرجال وفتحوا مكامن باتجاه حضاري مهم في تلك الفترة المبكرة من التاريخ، وكشفوا عن وجه الشارقة العميق وروحها التي تنمو ناتجاه حضاري وثقافي.. فاحتوت وساهمت في تنمية هذه البذرة الثقافية وكأنها الحاضنة الدافئة المثلي.. وما قرية الحيرة لاحقاً إلا مثالٌ حضاريٌ يحتاج إلى تأمل ودراسة، وكيف أصبحت هذه القرية مثابةً للإبداع ومنتجةً لرجال فكر وثقافة وأدب وشعر، وتأسست ظاهرة في التاريخ الثقافي والاجتماعي للشارقة تحتاج لمحاولة الكشف عن الأسباب.. لماذا الشارقة والحيرة بالذات في تلك الفترة التي كانت الظروف فيها قاسية اقتصادياً واجتماعياً بمقاييس اليوم؟ والسؤال الأهم: هل هي لطبيعة المدينة وروحها الفاتحة نحو الحضارة والإبداع؟ ما هي إذن تلك الأسباب الكامتة والمؤثرة والموجهة.. أم لروحٍ بثّتها طبيعة حكم الإمارة المستنير والواعي الذي أسس وخلق روحاً للتألق والإبداع.. ربما لأن الحاكم حين يتحلى بروح محلقة بالإبداع فإنه يؤسس.. في مصر مثالاً سنرى محمد علي.. وجمال عبد الناصر.. كيف خلقوا مجالات للانطلاق الحضاري.. في الشارقة أعتقد أن هذه الروح كانت موجودة، 
 
فدعمت هذا التوجه، وساهم رأس الوطن آنذاك في تشجيع العلم والمدارس والتجمعات الثقافية، فكانت روح الخلق والإبداع والتواصل غير المسبوق في المنطقة، وتأسست روح الشارقة الخلافة التي التقطها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في عصرها الحاضر، فرعى الثقافة والحضارة والإبداع، وجعل من الشارقة حاضنة مهمة في المنطقة والعالم العربي لروح مغايرة جعلت منها عاصمة دائمة للثقافة عموماً وللثقافة العربية والإسلامية خصوصاً.